نتيجة اضطرابات جينية.. تم اكتشاف علاقة وثيقة بين تشوهات المخيخ وتطور مرض الفصام لدى بعض الحالات، حيث توصل علماء في مستشفى “سانت جود” لأبحاث الأطفال بالولايات المتحدة الأمريكية، أن هذا الارتباط يبدو لدى المرضى المصابين بمتلازمة 22q11.2 المعروفة بمتلازمة الحذف 22q، وهي اضطراب جيني يحدث نتيجة لحذف جزء من الكروموسوم 22 في الموقع 11.2 مما يؤدي إلى فقدان عدة جينات مهمة في هذا الجزء.
وتوصل العلماء خلال الدراسة التي نشرتها مجلة Nature Communications إلى أن تشوهات المخيخ في نماذج حيوانية ومرضى 22q كانت ناجمة عن فقدان جين Tbx1، وأنه على الرغم من أن هذا الجين لا يتم التعبير عنه بشكل رئيسي في الدماغ، بل في الأنسجة المحيطة مثل العظام والغضاريف، فإن نقصه يؤثر بشكل غير مباشر على نمو الجمجمة، وبالتالي يؤدي فقدان هذا الجين إلى تشوه في تكوين عظام الجمجمة، مما يعطل نمو الهياكل الدماغية المسؤولة عن الوظائف العصبية الأساسية.
وبعد فحص العلماء لبعض مناطق المخيخ، التي تتأثر بهذا التشوه، مثل “الخثر والبارافلوكولوس”، لاحظوا أن هذه التشوهات تؤدي إلى خلل في الدوائر العصبية المسؤولة عن التوازن البصري وحركات الرأس، وهي الوظائف الحيوية التي تسهم في التعرف على الوجوه، وتعد من الصعوبات التي يعاني منها مرضى الفصام، كما أن “البارافلوكولوس” مرتبط بالقشرة السمعية، مما يثير المزيد من التساؤلات حول تأثيره في الهلوسة السمعية التي يعاني منها مرضى الفصام.
وأعرب فريق البحث وفقًا لما نقلته “قنا” عن أمله في أن تسهم الدراسات المستقبلية في توضيح الروابط بين التشوهات العصبية الناجمة عن متلازمة 22q والفصام، من خلال تخطيطهم لتتبع سلسلة الأحداث بدءًا من تشوهات الجمجمة إلى تأثيراتها على “الخثر والبارافلوكولوس”، لتقديم فهم أعمق لكيفية تأثير هذه العوامل على القشرة السمعية، مما قد يساعد في تطوير طرق جديدة لفهم وعلاج الفصام.
يشار إلى أن الأبحاث السابقة أظهرت أن حوالي 30% من الأشخاص المصابين بمتلازمة 22q يصابون بالفصام، وهو ما يجعل هذه المتلازمة نموذجًا لدراسة الأساس الجيني للفصام، في ظل ما تبين بتأثر المنطقة الجينومية بمتلازمة 22q المحفوظة بين عدة أنواع حيوانية، ما يسهل دراستها في نماذج مختبرية.
ويعرف الفصام بأنه مرض عقلي، يؤثر في طريقة تفكير الأشخاص وشعورهم وتصرفاتهم، ويمكن أن يؤدي إلى مزيج من الهلوسة والتوهم والتفكير والسلوك غير المنظم، ومنها رؤية أشياء أو سماع أصوات لا يلاحظها الآخرون، فضلًا عن الاعتقاد بشكل يقيني بأشياء غير صحيحة، مما يجعل هؤلاء المرضى يفقدون الاتصال بالواقع، ما قد يجعل الحياة اليومية صعبة للغاية عليهم.