دعا المؤتمر العربي الثالث والعشرين للأساليب الحديثة في إدارة المستشفيات الدول العربية إلى وضع إستراتيجيات وطنية شاملة لتبني وتطوير الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية، وتطوير خطط قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد لتحقيق الدمج الفعال للذكاء الاصطناعي في النظم الصحية، وإنشاء مراكز أبحاث متخصصة في الذكاء الاصطناعي بالمجال الصحي لدعم الابتكار والتطوير.
جاء ذلك في التوصيات الختامية الصادرة اليوم عن المؤتمر الذي عقدته المنظمة العربية التنمية الإدارية بعنوان “الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي: الأبعاد والتحديات” بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية والمكتب الإقليمي لشرق المتوسط والأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وبمشاركة ممثلي هيئات ومجالس الضمان الصحي في الدول العربية والمنظمات الإقليمية والدولية والمجتمع المدني ذات العلاقة بالقطاع الصحي.
وأوصى المؤتمر بالعمل على تطوير التشريعات والتنظيمات الصحية بما يحقق وضع معايير واضحة لاستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الصحة تضمن السلامة والفعالية، وحماية خصوصية بيانات المرضى، وتعزيز التدابير الأمنية وبرامج الأمن السيبراني لحماية البيانات الصحية من الهجمات الإلكترونية.
وشدد على ضرورة تعزيز التعليم والتدريب وبناء القدرات من خلال إنشاء برامج تعليمية وتدريبية في مجالات الذكاء الاصطناعي في المجال الصحي لتمكين الجيل القادم من الأطباء والمهندسين، وتعزيز الشراكات الأكاديمية والتعاون بين الجامعات والمراكز البحثية في الدول العربية مع المؤسسات العالمية لتبادل المعرفة والخبرات.
وحث الدول العربية على توفير التمويل اللازم لتعزيز الاستثمار في البنية التحتية التكنولوجية وتطويرها لدعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الصحة، وتحديث أنظمة المعلومات الصحية لتكون قادرة على التعامل مع البيانات الضخمة والتقنيات الحديثة، داعيًا إلى تعزيز البحث العلمي والتطوير والابتكار من خلال إنشاء مراكز أبحاث متخصصة بالذكاء الاصطناعي بالمجال الصحي لدعم الابتكار والتطوير، ودعم المشروعات البحثية المشتركة بين الدول العربية لتبادل الخبرات والمعرفة، وتقديم منح وتمويل للأبحاث المبتكرة في مجال الذكاء الاصطناعي لتطوير حلول جديدة وفعالة.
واقترح المؤتمر تنظيم مسابقات ومبادرات تحفز الابتكار بمجال الذكاء الاصطناعي الصحي بالتعاون مع الجامعات والمراكز البحثية المحلية والدولية المتميزة، داعيًا إلى التعامل مع التحديات الأخلاقية من خلال وضع إرشادات وقواعد أخلاقية ومواثيق شرف لاستخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الصحي، والعمل على تعزيز الوعي لدى الممارسين الصحيين بالتحديات الأخلاقية وكيفية الحد منها.
وطالب المؤتمر بتشجيع التعاون بين القطاع العام والخاص من خلال بناء شراكات لتطوير وتطبيق حلول الذكاء الاصطناعي بالمجال الصحي، وإيجاد آليات وبرامج لتمويل ودعم الشركات الناشئة التي تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي الصحي، ودعم حاضنات الأعمال والمسرعات التي تركز على تطوير حلول الذكاء الاصطناعي في الصحة.
كما دعا إلى تطوير حلول رقمية تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتعزيز خدمات التطبيب عن بُعد لتحسين الوصول للرعاية الصحية في المناطق النائية، موصيًا بدعم البحث والتطوير في مجالات الرعاية الصحية الأولية والصحة الوقائية من خلال تشجيع استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين أدوات التشخيص الأولي وتطوير أدوات تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقييم عوامل خطورة الإصابة بالأمراض المزمنة للإسهام في الوقاية منها.
ونوه المؤتمر بتطوير البنية التحتية للبيانات وصولًا إلى قواعد بيانات صحية كبيرة ودقيقة وموحدة ومتاحة للباحثين والأطباء لتحليل البيانات واستخدامها في تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي، مع العمل على تعزيز التعاون بين المؤسسات الصحية لتبادل البيانات الصحية بشكل آمن وفعّال، داعيًا إلى العمل على إقامة شراكات مع المؤسسات الدولية الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي للاستفادة من خبراتهم وتبادل المعرفة، مع الحرص على تنظيم والمشاركة في المؤتمرات والمنتديات الدولية لمواكبة أحدث التطورات والابتكارات في مجال الذكاء الاصطناعي الصحي.
كما اقترح تنظيم حملات توعية مجتمعية لشرح فوائد الذكاء الاصطناعي في الصحة وزيادة قبول المجتمع لاستخدام التكنولوجيا، وتعزيز الحوار مع المرضى لجمع ملاحظاتهم واستفساراتهم، والاستفادة من مقترحاتهم حول تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية.
وأشار إلى ضرورة وضع آليات رقابية لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في الصحة وضمان جودته وفعاليته وإنشاء آليات لمتابعة وتقييم تأثير تطبيقات الذكاء الاصطناعي على جودة الرعاية الصحية وتحسينها بمرور الوقت، مع إيجاد آليات قوية وواضحة لجمع وتحليل التغذية الراجعة من المرضى والممارسين الصحيين لتطوير وتحسين التطبيقات.
وحث المؤتمر الدول العربية على التعاون لإنشاء منصة عربية لبناء قواعد بيانات عربية لتغذية أنظمة الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك البيانات الخاصة بالجينات والعادات الصحية العربية والعادات والثقافات الصحية العربية؛ لضمان تناسب الخوارزميات الخاصة بالذكاء الاصطناعي مع احتياجات لمواطن العربي.