كبسولة الصحية – الرياض
في التاسع والعشرين من سبتمبر 2025، يتجدد الصمت الذي يخلفه مرض نقص تروية القلب، القاتل الأول عالمياً، هذا اليوم العالمي للقلب ليس مجرد تاريخ، بل صرخة مدوية تحثنا على مواجهة التهديد الأكبر لحياة الملايين، إنه دعوة عاجلة لزيادة الوعي وتسريع الإجراءات الوقائية، فصحة القلب هي محور وجودنا، والحفاظ على نبضه يعني الحفاظ على الحياة ذاتها.
مواجهة القاتل الصامت وإنقاذ الملايين
تعد أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الرئيسي للوفاة عالميًا، وتعود هذه الأمراض إلى مجموعة من عوامل الخطر المتنوعة، بعضها يمكننا التحكم به والبعض الآخر خارج عن إرادتنا، ومن العوامل التي نملك القدرة على تغييرها والسيطرة عليها يأتي التدخين، الذي يعد أحد الأسباب الرئيسية المدمرة لصحة القلب، يليه الغذاء غير الصحي الغني بالدهون المشبعة والسكر، والسمنة، والتوتر المزمن، وقلة النشاط البدني، حتى الحالة الصحية السيئة للأسنان يمكن أن تكون مؤشرًا أو عامل خطر لأمراض القلب، ولا ننسى الأمراض المزمنة الشائعة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري وارتفاع الكوليسترول، التي تتطلب إدارة ومتابعة دقيقة للحد من تأثيرها على القلب.
في المقابل، توجد عوامل خطر لا يمكن التحكم بها مثل العمر والجنس، حيث يكون الرجال أكثر عرضة لأمراض القلب في مراحل مبكرة من حياتهم، إضافة إلى التاريخ المرضي للعائلة الذي يلعب دورًا وراثيًا.
إن فهم هذه العوامل يمثل الخطوة الأولى نحو الوقاية الفعالة؛ فبينما لا نستطيع تغيير العمر أو الجينات، يمكننا أن نختار نمط حياة صحيًا يقلل بشكل كبير من المخاطر المرتبطة بالعوامل القابلة للتحكم.
أرقام عالمية تدق ناقوس الخطر
إن الإحصاءات العالمية المتعلقة بأمراض القلب صادمة وتؤكد حجم التحدي، فمنذ عام 2000، تصدرت أمراض القلب قائمة الأسباب الرئيسية للوفاة عالميًا، وهي مسؤولة عن 16% من إجمالي الوفيات. ارتفع عدد الوفيات الناجمة عنها من 2 مليون في عام 2000 إلى 8.9 مليون في عام 2019، مما يجعلها أكبر سبب في زيادة الوفيات على مستوى العالم. هذا التزايد الدراماتيكي يستدعي تدخلات فورية ومكثفة. في منطقة جنوب شرق آسيا وحدها، تتسبب الأمراض القلبية في نحو 3.9 مليون وفاة سنويًا، والمقلق أن 48% من هذه الوفيات تحدث بشكل مبكر، في الفئة العمرية 30-70 عامًا، مما يعني فقدان ملايين الأرواح في أوج عطائها.
لمواجهة هذا الواقع، تهدف الجهود العالمية في اليوم العالمي للقلب إلى زيادة الوعي بصحة القلب وتسريع الإجراءات الوقائية لأمراض القلب والأوعية الدموية، من خلال الاكتشاف المبكر والإدارة الفعالة، كما يتم التشجيع على اتباع نمط حياة صحي وعادات غذائية جيدة، ووضع خطط تسهم في الإقلاع عن التدخين لتقليل خطر الإصابة بمرض القلب.
يضاف إلى ذلك، السعي لخفض معدل انتشار ارتفاع ضغط الدم والسكري على المستوى العالمي، والتوعية بأهمية ممارسة الرياضة لمدة لا تقل عن 30 دقيقة يوميًا، فالمواظبة على النشاط البدني تقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بأمراض القلب. إن تبني هذه الإجراءات الوقائية يمثل استثمارًا حقيقيًا في صحة الأفراد ومستقبل المجتمعات.
جهود المملكة
تأتي جهود المملكة المكثفة في إطار الاستجابة لتحدي صحي عالمي ضخم، حيث تُشير إحصائيات الاتحاد العالمي للقلب ومنظمة الصحة العالمية إلى أن أمراض القلب والأوعية الدموية تودي بحياة ما يزيد على 20.5 مليون شخص سنوياً حول العالم، مُشَكِّلةً السبب الأول للوفاة. وفي ضوء هذه الأرقام المقلقة، تركز المملكة، ضمن مستهدفات رؤية 2030 وفي إطار الاحتفاء بـ اليوم العالمي للقلب 2025، على اغتنام الفرصة المتمثلة في إمكانية الوقاية من 80% من الوفيات المبكرة، ويتم ذلك عبر استراتيجية متكاملة تشمل تكثيف حملات التوعية، وتطوير البنية التحتية الطبية المتخصصة من خلال المركز الوطني للقلب، وإطلاق أدوات الاكتشاف المبكر مثل الأداة الإلكترونية لحساب الخطورة، إضافة إلى الدعم الخيري والمجتمعي لضمان وصول الرعاية لجميع المرضى.