القاهرة- كبسولة الصحية
في خطوة علمية قد تُنهي حيرة الأطباء تجاه حالات العقم غير المفسَّرة لدى الرجال، نجح فريق بحثي من جامعة أوساكا اليابانية في تحديد المكوّن الأساسي الذي يتحكّم في حركة الحيوانات المنوية، الأمر الذي يفتح آفاقاً واعدة لتطوير وسائل تشخيص وعلاج جديدة ومبتكرة.
ويُعد هذا الاكتشاف بالغ الأهمية، نظراً لأن ضعف حركة الحيوانات المنوية هو أحد أبرز أسباب العقم الذي يؤثر على نحو نصف الأزواج الذين يعانون من هذه المشكلة.
وأوضح الباحثون في النتائج المنشورة، بدورية «وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم» أن هذا الاكتشاف يمكن استخدامه لتطوير اختبارات تشخيصية جديدة تُمكّن الأطباء من تحديد أسباب العقم عند الرجال بدقة أكبر.
ويُعرَّف العقم عند الرجال بأنه عدم القدرة على إنجاب طفل بعد عام واحد على الأقل من المحاولات المنتظمة دون استخدام وسائل منع الحمل، وغالباً ما يرتبط بمشكلات في جودة أو كمية أو حركة الحيوانات المنوية. ويُقدَّر أن نحو واحد من كل 6 أزواج يعاني من مشكلة العقم، ويُعزى ما يقرب من نصف هذه الحالات لأسباب تتعلق بالرجال، أبرزها ضعف حركة الحيوانات المنوية، أو انخفاض عددها، أو وجود تشوّهات في شكلها، إضافةً لاضطرابات هرمونية أو جينية أو التهابات بالجهاز التناسلي.
ومع ذلك، تبقى بعض الحالات غير مفسَّرة رغم سلامة التحاليل التقليدية، مما يجعل فهم الآليات الجزيئية المسؤولة عن حركة الحيوانات المنوية خطوة بالغة الأهمية لتطوير وسائل تشخيص وعلاج أكثر دقة وفاعلية.
وتُعدّ حركة الحيوانات المنوية عاملاً حاسماً في قدرتها على الوصول إلى البويضة وتخصيبها. وركّز الباحثون في دراستهم على بروتين يُعرف باسم (TMEM217)، يُنتَج في الخصيتين، ولم تكن وظيفته معروفة من قبل. وعند إزالة الجين المسؤول عن إنتاج هذا البروتين في فئران التجارب، لاحظ الفريق أن الذكور أصبحت عقيمة تماماً، إذ كانت الحيوانات المنوية شبه غير متحركة وغير قادرة على الإخصاب.
ومن خلال التحليل، اكتشف العلماء أن هذا البروتين يتعاون مع بروتين آخر يُدعى (SLC9C1) لتشكيل مركّب مستقرّ يحافظ على وجود إنزيم أساسي في الحيوانات المنوية يُسمّى (sAC)، وهو المسؤول عن إنتاج الجزيء (cAMP) الذي يعمل بمثابة «مفتاح تشغيل» لحركة الحيوانات المنوية.
لكن عند غياب بروتين (TMEM217)، يفقد البروتين المرافق (SLC9C1) استقراره، فينخفض مستوى إنزيم (sAC) وينتج عن ذلك تراجع كبير في إنتاج (cAMP)، مما يؤدي لتوقف الحركة وفشل عملية الإخصاب.
وفي خطوة وُصفت بأنها اختراق علمي مهم، نجح الباحثون في إعادة الحركة إلى الحيوانات المنوية غير المتحركة عن طريق تزويدها بمركّب كيميائي يحاكي عمل جزيء (cAMP) الطبيعي. واستعادت الحيوانات المنوية قدرتها على الحركة، وتمكّنت من تخصيب البويضات داخل المختبر، ما أسفر عن ولادة فئران سليمة.
وأوضح الباحثون أنهم تمكنوا من تحديد مكوّن رئيسي في «مفتاح التشغيل» الذي يحافظ على إشارة حركة الحيوانات المنوية، مشيرين إلى أن غياب هذا المكوّن يؤدي لبطء حركتها وفشل الإخصاب، بينما أدى تنشيط الإشارة داخل المختبر إلى استعادة الحركة الطبيعية وتحقيق ولادات سليمة لفئران التجارب، ما يفتح الباب أمام تطوير حلول عملية وتشخيصية جديدة لعلاج بعض أشكال العقم الذكري.