القاهرة – أمل محمد أمين
القاهرة – يُعد سرطان الثدي من أكثر أنواع السرطان انتشارًا بين النساء على مستوى العالم وفي إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، مع وجود تفاوتات كبيرة في الحصائل بين البلدان. وتؤكد الأرقام العالمية، التي بلغت 2.3 مليون حالة شُخِّصت في عام 2022، الحاجة المُلحّة إلى إتاحة الكشف المبكر والتشخيص والعلاج على نحو منصف.
وتُسلط الإحصائيات الضوء على ثغرات حرجة في قدرة النظام الصحي، ففي البلدان ذات مؤشر التنمية البشرية المنخفض، لم تُشخَّص إلا حالة واحدة من كل 27 امرأة، في حين تتوفى امرأة واحدة من كل 48 امرأة، وهو ما يشير إلى أن تيسير الحصول على الرعاية يمثل تحدياً كبيراً يتجاوز الحصائل الصحية الفردية، ويُسهم في عبء يمتد عبر الأجيال، فقد تَيَتَّمَ 1.04 مليون طفل في عام 2020 بفقدان أمهاتهم بسبب الوفيات الناجمة عن السرطان، وكان ربع هذه الوفيات مرتبطًا بسرطان الثدي.
وفي إقليم شرق المتوسط تحديدًا، تُصاب أكثر من 130 ألف امرأة بسرطان الثدي الذي يتسبب في 52 ألف وفاة سنويًّا. ويتفاقم هذا العبء بفعل عوامل خطر متعددة، تشمل الفقر المتأصل، والبنية الأساسية الصحية المحدودة، وقلة الوعي، وضعف الإقبال على الفحص، مما يؤدي إلى تأخير التشخيص والعلاج وانخفاض معدلات النجاة.
وتعكس نسبة الإصابة إلى الوفيات في جميع أنحاء الإقليم هذه التفاوتات، حيث أبلغ الأردن عن 60 حالة سرطان ثدي لكل 100 ألف امرأة في 2022، وبلغ معدل الوفيات 19.3 لكل 100 ألف، بينما ارتفع معدل الوفيات في الصومال إلى 25.7 حالة رغم انخفاض معدل الإصابة، في حين سجلت مصر التي لديها أحد أعلى معدلات الإصابة (55.4 لكل 100 ألف امرأة) معدل وفيات يبلغ 19.8 وفاة.
ويُحذّر تقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2024 من أن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن سرطان الثدي قد تصل إلى 408 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2050 في غياب التدخلات الموسَّعة. وفي المقابل، يحقق الاستثمار في التشخيص المبكر والعلاج الشامل عائدًا مُقنِعًا يتراوح بين 6.4 و7.8 دولارات أمريكية لكل دولار مُستَثمَر.
المبادرة الرئاسية المصرية نموذجاً
وعلى هامش المؤتمر الدولي السابع عشر لسرطان الثدي وأمراض النساء والأورام المناعية بالقاهرة، استضافت المبادرة الرئاسية المصرية بشأن صحة المرأة حوارًا رفيع المستوى، حيث خطت المبادرة – منذ إطلاقها في 2019 – خطوات كبيرة في تحسين حصائل سرطان الثدي، مركزة على التوعية والفحوص السريرية السنوية ومسارات الإحالة السريعة للتشخيص والعلاج، وتقدم نموذجًا يمكن تكراره في البلدان الأخرى ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
وفي ختام المداولات، أُطلِق “نداء القاهرة للعمل”، الذي يمثل إطار عمل موحد لتحفيز الشراكات وتوسيع نطاق التدخلات المُثبَتة والمبتكرة، لضمان عدم إهمال أي امرأة.
وقال معالي وزير الصحة والسكان في مصر، الدكتور خالد عبد الغفار: “إن نداء القاهرة للعمل يعكس التزام مصر الراسخ بالنهوض برعاية مريضات سرطان الثدي من خلال الإنصاف والابتكار والمشاركة المجتمعية… ندعو جميع بلدان الإقليم إلى الانضمام إلينا لضمان عدم تخلف أي امرأة عن الرَكب”.
من جانبها، أكدت الدكتورة حنان حسن بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، أن نجاح النداء يعتمد على “الوحدة والشراكة”، مشيرة إلى أن العمل الجماعي الذي يضم الحكومات والمجتمع المدني والمؤسسات العالمية يمكن أن “يُحدث تحوُّلًا في حصائل سرطان الثدي في جميع أنحاء الإقليم”.
ويحدد الإطار الإجراءات ذات الأولوية التي تشمل: تعزيز الوعي العام من خلال حملات تراعي الاعتبارات الثقافية، وتقوية نُظُم الرعاية الصحية الأولية، والاستثمار في البنية الأساسية للتشخيص والعلاج، وتوسيع نطاق الحصول على الدعم النفسي الاجتماعي، ويدعو كذلك إلى إدماج بيانات سرطان الثدي في نُظُم المعلومات الصحية الوطنية لتعزيز التضامن الإقليمي والعمل الجماعي المستدام من أجل صحة المرأة.