خاص – كبسولة الصحية
يمر علاج السمنة وداء السكري بتحول لم يسبق له مثيل، بفضل جيل متقدم من الأدوية يعتمد على محاكاة عمل الهرمونات المعوية الطبيعية. هذا النجاح الحالي لم يأتِ من فراغ، بل هو تتويج لمسيرة بحثية بدأت منذ عقود على يد مجموعة من العلماء الذين وضعوا الأساس لما يُعرف اليوم بـ “النواقل الهرمونية الذكية”.
البداية في الثمانينات.. اكتشاف الهرمون الأساس
القصة تبدأ مع اكتشاف الهرمون الأساسي GLP-1 (الببتيد الشبيه بالجلوكاجون-1) ودوره كمُحفِّز قوي لإفراز الإنسولين. ويعود الفضل في تحديد التركيب الجيني لهذا الهرمون إلى أبحاث مكثفة في منتصف الثمانينات (1984-1987) على يد باحثين أمثال الدكتور جويل هابنر في جامعة هارفارد. هذه الأبحاث أسست أن العلاج المستقبلي للسكري يجب أن يركز على هذه “الهرمونات المعوية”.
قفزة الجيل الجديد.. النواقل الثنائية والثلاثية
اعتمد الجيل الأول من الأدوية – الذي ظهر في مطلع الألفية- على تقليد عمل هرمون GLP-1 فقط. لكن التطور الأحدث، الذي يمثل النقلة النوعية، هو ظهور النواقل الثنائية التي تستهدف أكثر من مستقبل هرموني. بدأت الأبحاث المكثفة على هذه الآلية الجديدة في منتصف العقد الماضي (حوالي 2016)، وتوجت بتحقيق إنجازات سريرية غير مسبوقة كان أبرزها الحصول على الموافقات الرسمية على أول مركب ثنائي في مايو 2022.
هذا الاستهداف المتعدد يسمح بتأثير أقوى بكثير على: السيطرة على سكر الدم، كبح الشهية، وزيادة حرق السعرات الحرارية (في حالة النواقل الثلاثية).
تعريف المرض المزمن
هذه الآليات المبتكرة لا تمثل تحسيناً بسيطاً، بل هي تغيير جذري في مسار العلاج، حيث تؤكد نتائج الأبحاث السريرية أنها تحقق خسارة وزن غير مسبوقة وتساهم بشكل فعال في الوقاية من المضاعفات القلبية الوعائية لمرضى السكري.
إن التقدير يعود لهؤلاء الرواد الذين بدأوا المسيرة البحثية، وللفرق الحديثة التي حولت المعرفة الأساسية إلى علاج فعّال، مؤكدين أن السمنة هي مرض هرموني مزمن يجب التعامل معه بآليات علاجية متقدمة ودقيقة.