لندن – كبسولة الصحية
في نتائج غير متوقعة قد تمهد الطريق لعلاجات أكثر أماناً، كشفت دراسة علمية رائدة عن أن السمنة لا تؤدي دائماً إلى نفس المخاطر الصحية لأمراض القلب. فقد توصل باحثون بريطانيون إلى أن تغيرات جينية معينة في الدماغ قد تحمي بعض الأشخاص الذين يعانون من السمنة الشديدة من ارتفاع الكوليسترول الضار والمشكلات القلبية المرتبطة به.
عادة ما ترتبط السمنة بارتفاع مستويات الكوليسترول الضار (LDL) والدهون الثلاثية، وهي عوامل تزيد بشكل كبير خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. لكنّ الآليات البيولوجية التي تربط السمنة بهذه التغيرات في الدهون ظلت غير واضحة.
الدماغ يتحكم في الكوليسترول
لفهم هذه العلاقة بشكل أفضل، ركز فريق علمي أشرفت عليه البروفسورة صدف فاروقي بمعهد علوم التمثيل الغذائي بجامعة كمبريدج (المملكة المتحدة)، على مستقبل دماغي يُعرف باسم “مستقبل الميلانوكورتين 4” (MC4R)، وهو مستقبل يشارك في تنظيم توازن الطاقة والشهية والوزن.
توصلت الدراسة، المنشورة في مجلة Nature Medicine، إلى نتائج مفاجئة بعد دراسة أكبر مجموعة في العالم من الأشخاص الذين لديهم طفرات نادرة تؤدي إلى تعطّل وظيفة هذا المستقبل، وهي حالة تسبب السمنة المفرطة منذ الطفولة. حيث وجد الباحثون أن البالغين الذين يعانون من هذا النقص لديهم مستويات أقل من الكوليسترول الكلي والكوليسترول الضار والدهون الثلاثية، حتى عند مقارنتهم بأشخاص لديهم جين طبيعي وذوي مؤشر كتلة الجسم نفسه.
قالت البروفسورة فاروقي: “كانت هذه مفاجأة، فعلى الرغم من السمنة، بدا أن الأشخاص الذين لديهم طفرات في مستقبل الميلانوكورتين محميون من ارتفاع الكوليسترول والدهون الذي نراه عادة مع زيادة الوزن”.
إشارات الدماغ وتنظيم تخزين الدهون
أظهرت تحليلات إضافية أن حاملي طفرات مستقبل الميلانوكورتين لم يكن لديهم أي علاقة بين النقص في هذا المستقبل وزيادة خطر أمراض القلب. وعند دراسة استجابة أجسامهم للدهون بعد وجبة غنية بها، لاحظ الباحثون أن هؤلاء الأشخاص أظهروا ارتفاعاً أقل في البروتينات الدهنية وتغيرات تشير إلى زيادة كفاءة تخزين الدهون في الأنسجة الدهنية بدلاً من بقائها في الدم.
تشير هذه النتائج إلى أن إشارات الدماغ عبر مستقبل الميلانوكورتين تلعب دوراً رئيسياً في تنظيم عملية التمثيل الغذائي للدهون. ويسلط هذا الاكتشاف الضوء على أهمية فهم الآليات الجينية والدماغية للسمنة، التي قد تغير طريقة تعامل الأطباء مع إدارة الوزن وصحة القلب.
علاج “الوزن العنيد” يُظهر فاعلية
في دراسة مرافقة نُشرت أيضاً في Nature Medicine، تعاون فريق فاروقي مع شركة ليلي المصنعة لدواء مونجارو (Mounjaro) المستخدم لعلاج السكري وإنقاص الوزن.
بتحليل بيانات التجارب، وجد الباحثون أن دواء “مونجارو” أدى إلى انخفاض في الوزن بنسبة 19% لدى الأشخاص الذين يعانون من نقص في مستقبل الميلانوكورتين، وهي مجموعة كانت تواجه صعوبة بالغة في إنقاص الوزن حتى مع الحميات أو الأدوية الأخرى. أكدت فاروقي أن هذه النتيجة مهمة، إذ توفر أملاً علاجياً فعالاً لمجموعة من المرضى كانت خياراتها العلاجية محدودة لسنوات طويلة.
يأمل الباحثون أن يساعد فهم كيفية حماية إشارات مستقبل الميلانوكورتين من ارتفاع الكوليسترول في تحديد أهداف علاجية جديدة لاضطرابات الدهون في الدم، مما قد يقلل من خطر أمراض القلب لدى الملايين حول العالم.