عندما تقترب الحياة من نهايتها، تصبح الكلمات الأخيرة للمرضى شهادة حية على رحلتهم. أطباء وممرضون يعملون في مجال الرعاية التلطيفية كشفوا عن أكثر العبارات التي يسمعونها من المرضى المحتضرين، والتي تعكس مزيجًا من السلام الداخلي والحسرة على ما فات، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية.
الدكتورة مينا تشانغ، طبيبة الرعاية التلطيفية في منطقة خليج سان فرانسيسكو، أوضحت في حديثها لصحيفة “ديلي ميل” أن العبارة الأكثر شيوعًا بين المرضى هي: “لا أشعر بأي ندم”. هذه الجملة تعبر عن حالة من الرضا الداخلي والسلام النفسي الذي يتمكن بعض المرضى من الوصول إليه في نهاية حياتهم. ومع ذلك، أشارت الدكتورة إلى أن بعض المرضى يعبرون عن ندمهم لعدم التعبير بشكل كافٍ عن مشاعرهم تجاه عائلاتهم أو أصدقائهم. “يتساءلون لماذا لم يقولوا ‘آسف’ في وقت أبكر، أو لماذا لم يسعوا لإصلاح العلاقات التي أُفسدت بسبب الخلافات”، كما تقول.
الممرضة جولي ماكفادن، التي تعمل في مجال الرعاية التلطيفية منذ أكثر من سبع سنوات في لوس أنجلوس، أضافت في تصريحاتها لصحيفة “ديلي ميل” أن الكثير من المرضى يعبرون عن ندمهم على قضاء وقت طويل في العمل على حساب عائلاتهم. تقول ماكفادن: “يتمنى العديد من المرضى لو قضوا وقتًا أطول مع أحبائهم بدلًا من التركيز على العمل أو الإنجازات المادية”.
أشارت ماكفادن أيضًا إلى أن النساء على وجه الخصوص يعبرن عن ندمهن على الضغوط التي وضعنها على أنفسهن بسبب المعايير المجتمعية للجمال. تقول: “يتحدثن عن الندم على الحميات الغذائية، أو القلق بشأن مظهر أجسادهن، أو حتى تفويت الاستمتاع بالطعام واللحظات البسيطة بسبب هذه الضغوط”.
وفقًا لماكفادن، فإن العبارات الشائعة التي تُقال في نهاية الحياة تتضمن: “أحبك”، “شكرًا لك”، “أرجوك سامحني”، و”وداعًا”. وأوضحت أن اللحظات الأخيرة لا تكون درامية كما تصوّرها الأفلام، بل هي غالبًا هادئة ومليئة بالتعبيرات البسيطة التي تحمل مشاعر عميقة.
الرعاية التلطيفية تُعنى بتخفيف الألم الجسدي والنفسي للمرضى الذين يعانون من أمراض نهائية. توضح ماكفادن في حديثها لصحيفة “ديلي ميل” أن العمل مع هؤلاء المرضى يقدّم دروسًا عميقة في تقدير الحياة اليومية. تقول: “يتحدث المرضى دائمًا عن أخذ الأمور البسيطة كأمر مفروغ منه، مثل القدرة على المشي، الأكل، أو حتى العيش بدون ألم. يندمون لأنهم لم يقدروا هذه الأشياء”.
في النهاية، تذكرنا هذه الاعترافات أن الحياة قصيرة، وأن علينا التركيز على ما يهم حقًا: علاقاتنا، صحتنا، وقدرتنا على الحب والمسامحة. الكلمات الأخيرة ليست مجرد عبارات، بل دروس حية تذكّرنا بأن نعيش بصدق، وأن نتواصل مع من نحبهم، وألا نؤجل مشاعرنا إلى الغد.
