بيزنس “التحاليل الزائدة”.. فواتير المختبرات التي تستنزف جيوب المرضى

الاستثمار في "القلق": حين يصبح المريض مجرد "تارغت" مالي للمستشفى

بيزنس “التحاليل الزائدة”.. فواتير المختبرات التي تستنزف جيوب المرضى
صورة تعبيرية
27 ديسمبر، 2025 - 12:42 ص

كبسولة الصحية – خاص

تحولت بعض العيادات والمستشفيات الخاصة إلى مراكز لتحصيل العوائد المالية عبر بوابة المختبرات والأشعة، فلم يعد “الفحص السريري” وتشخيص الطبيب هو الحكم، بل أصبح المريض يُدفع دفعاً لإجراء “باقة فحوصات” شاملة وطويلة لا علاقة لها بشكواه الأساسية.

تكمن الجريمة في توجيه الأطباء (تحت ضغوط إدارية) لرفع قيمة الفاتورة عبر طلب تحاليل مخبرية معقدة وأشعة مقطعية أو مغناطيسية غير ضرورية، فقط لضمان تحقيق الأرباح المستهدفة للمنشأة.

متى تكون الفحوصات الشاملة “ضرورة”؟

من الناحية الطبية، تظل الفحوصات الدورية والشاملة ضرورة في حالات الفحص المبكر عن الأمراض المزمنة (مثل السكري أو الضغط) أو عند وجود تاريخ عائلي معقد، أو لتشخيص حالات غامضة تتطلب استبعاد احتمالات معينة. هنا يكون المختبر “عين الطبيب” الصادقة، ولكن الكارثة تبدأ حين يتم طلب “فحص فيتامينات” مكلف لمريض يشكو من “ألم في الركبة” ناتج عن إصابة واضحة.

خديعة “باقات العروض”.. بيع الوهم الطبي

تنتشر في وسائل التواصل إعلانات “الباقات الشاملة” بأسعار مخفضة، وهي وسيلة ذكية لجذب الأصحاء قبل المرضى. تكمن الخديعة في أن هذه الباقات قد تُظهر نتائج “حدية” (Borderline)  لا تعني وجود مرض، ولكنها تفتح الباب لسلسلة لا تنتهي من المراجعات والفحوصات التكميلية والأدوية التي لا يحتاجها الشخص أصلاً. إنها عملية “صناعة مريض” من شخص سليم تماماً من أجل استدامة الربح.

الرأي الطبي والرقابة (السعودية والعالمية)

  • وزارة الصحة السعودية:

تمنع الأنظمة السعودية وبشكل صارم الممارسات التي تهدف للاستغلال المادي للمريض، وتشدد على ضرورة وجود مبرر طبي لكل فحص مخبري أو إشعاعي.

  • منظمة الصحة العالمية:

تحذر من ظاهرة “الإفراط في التشخيص” (Over-diagnosis)، وتؤكد أن التعرض للأشعة غير الضرورية (مثل المقطعية أو الرنين المغناطيسي) يحمل مخاطر صحية تراكمية على المدى البعيد، بالإضافة إلى الهدر المالي الهائل في المنظومة الصحية.

  • الأخلاقيات الطبية:

الطبيب الذي يطلب فحوصات من أجل “العمولة” أو “التارغت” يخون شرف المهنة ويتحول من معالج إلى شريك في عملية استنزاف مالي .

إحصائيات وحقائق:

  • عالمياً:

تشير الدراسات إلى أن ما يقرب من 30% من الفحوصات المخبرية المتقدمة التي تُطلب في القطاع الخاص هي فحوصات “غير ضرورية” ويمكن الاستغناء عنها.

  • اقتصادياً:

يستهلك الإفراط في الفحوصات مبالغ طائلة من شركات التأمين، مما يؤدي لاحقاً لرفع أسعار بوالص التأمين على المواطنين والأفراد نتيجة هذا الهدر المتعمد.