تشير الأبحاث الحديثة إلى أن مكملات البروتين، قد تحمل فوائد لمن هم في منتصف العمر وكبار السن، حيث تزداد احتياجاتنا من البروتين مع التقدم في السن، وفق تقرير لصحيفة «تلغراف».
ولمكافحة فقدان العضلات المستمر، الذي يحدث مع التقدم في السن، اقترح خبراء التغذية زيادة كمية البروتين التي نستهلكها يومياً.
وقالت الدكتورة كولين دين، المحاضرة في بيولوجيا الخلايا العضلية بجامعة ساوثهامبتون: «تشير الجمعية البريطانية لعلوم الرياضة والتمارين إلى أن كبار السن يحتاجون بالفعل إلى كمية أكبر. ربما يحتاجون إلى نحو 1 إلى 1.2 غرام، وهو ما أتفق معه».
لكن عملياً، ليس الأمر بهذه السهولة كما يبدو. بالنسبة لامرأة تزن 60 كيلوغراماً (9 ستون و6 أرطال)، يعني ذلك الانتقال من 45 غراماً من البروتين يومياً إلى 72 غراماً، وهو ما يعادل، كما تقول دين، ما يقارب صدر دجاجة ونصف الصدر (100 غرام من الدجاج تحتوي على نحو 30 غراماً من البروتين).
وأضافت: «المشكلة هي أنه مع تقدمنا في السن، نفقد أيضاً رغبتنا أو قدرتنا على تناول الكمية نفسها. لذلك؛ يمكن أن تساعدنا المكملات الغذائية في امتصاص البروتين والحفاظ على العضلات».
كيف تعمل مكملات البروتين ؟
مكملات البروتين، التي تأتي عادةً على شكل مساحيق تُخلط بالماء أو الحليب، مصممة لتكون سهلة الهضم ومريحة للغاية.
إذا كنتِ ترغبين في بناء أنسجة عضلية، فأنتِ في حاجة إلى ممارسة الرياضة وتناول كميات كافية من البروتين لتحفيز عملية بيولوجية تُعرف باسم تخليق العضلات. وقالت دين: «لا يمكنكِ مجرد تناول البروتين وتنمية العضلات. كما أن ممارسة الرياضة وحدها لا تُعزز نمو جسمكِ».
ووصفت أبيغيل غرين، اختصاصية فسيولوجيا الصحة والرفاهية في نوفيلد هيلث، الفوائد الرئيسية لهذه المكملات الغذائية بأنها سريعة وسهلة، واقتصادية، ومتعددة الاستخدامات.
وأشارت إلى أن «مساحيق البروتين ديناميكية، وتمكن إضافتها إلى الكعك، والبسكويت، والشوفان، والخبز، والعصائر، والعصيدة، وغيرها الكثير».
وأضافت: «إنها طريقة سريعة ومريحة لزيادة استهلاكك من البروتين بعد التمرين. قد تشعر برغبة في تناول طبق كامل من الدجاج والأرز في الساعة العاشرة مساءً، بينما يكون تناول مشروب مخفوق أسهل على المعدة قبل النوم».
ومع ذلك، أكدت ضرورة اعتبارها مكملات غذائية للبروتين، وليست ضرورية للحفاظ على العضلات أو بنائها.
بداية، أي فائض من المكملات الغذائية سينتهي به الأمر إلى التحلل إلى أحماض أمينية تنتشر في مجرى الدم. ونتيجة لذلك؛ قالت دين إن العلماء لا يزالون يحاولون معرفة ما إذا كان الإفراط في تناول البروتين قد يكون ضاراً بصحتنا.
وأوضحت غرين أنه «بالنسبة لبعض الناس، مجرد تناول وجبة غنية بالبروتين يُحدث النتيجة نفسها. معظم الناس لا يحتاجون إلى إضافة مسحوق البروتين إلى نظامهم الغذائي».
عند اختيار مكمل البروتين، تتوفر خيارات متعددة. إليك بعض الخيارات الأكثر شيوعاً واستخداماتها:
بروتين مصل اللبن
يُعد بروتين مصل اللبن من أكثر مكملات البروتين دراسةً على الإطلاق، حيث وصفته دين بأنه «الأساس» لجميع أبحاث مكملات البروتين.
مصل اللبن منتج ألبان، وهو السائل المتبقي بعد تحويل الحليب جبناً. ولأنه منتج حيواني، يتميز باحتوائه على جميع الأحماض الأمينية الأساسية التسعة بشكل طبيعي، وهي اللبنات الأساسية للبروتين الذي يحتاج إليه الجسم لنمو الأنسجة.
ويتوفر عادةً بنوعين:
مركز مصل اللبن (Whey concentrate)، وهو أرخص ثمناً ويحتوي على مزيج من البروتين والكربوهيدرات والدهون.
مسحوق مصل اللبن المعزول (Whey isolate powder)، وهو أغلى ثمناً، وقد تمت معالجته بحيث يحتوي المسحوق على أكثر من 90 في المائة من البروتين. كما أنه يحتوي على نسبة أقل من اللاكتوز؛ ما يجعله خياراً أفضل لمن يعانون عدم تحمل اللاكتوز.
وفقاً للدكتور سوارغيت ساركار، المحاضر الأول في التغذية بجامعة سيتي بلندن، فقد وجدت دراسات مختلفة أن بروتين مصل اللبن قادر على زيادة كتلة العضلات الهيكلية، وقوة العضلات الكلية، وحتى سرعة المشي لدى كبار السن الذين جمعوا بين المكملات الغذائية وتمارين المقاومة. وكان التأثير أعمق لدى أولئك الذين تناولوا بروتين مصل اللبن المعزول.
وقال ساركار: «إذا كانوا يتمتعون بصحة جيدة وتناولوه مع ممارسة تمارين الجزء السفلي أو العلوي من الجسم، فسيحدث فرقاً بالتأكيد».
الكازين
مثل مصل اللبن، يُستخرج الكازين أيضاً من الحليب. في الواقع، بروتين الكازين هو ما يعطي الحليب لونه الأبيض.
وأشارت الكثير من الدراسات أيضاً إلى أن الكازين يمكن أن يكون فعالاً في بناء العضلات، لكن الفرق الرئيسي مقارنةً بمصل اللبن هو أنه أبطأ في الهضم. وأوضح ساركار أن ذلك قد يجعله أقل جاذبية لكبار السن الذين لا يهضمون الأطعمة بسهولة.
ومع ذلك، فقد جعل الكازين شائعاً لدى الرياضيين الهواة والمحترفين على حد سواء، حيث يُعتقد أن الكازين يشجع على إصلاح العضلات على مدى فترة زمنية أطول، على سبيل المثال أثناء النوم. وأضاف ساركار: «يُنصح الأشخاص النشطون بدنياً بتناول الكازين قبل النوم».
الليوسين
يُعتقد أن الليوسين فعال بشكل خاص في تحفيز نمو العضلات.
وجدت دراسة أجريت عام 2023 ونُشرت في المجلة الأوروبية للتغذية السريرية أنه عندما أُعطيت مكملات الليوسين لـ37 بالغاً تتراوح أعمارهم بين 20 و65 عاماً، وكان جميعهم يتبعون نظاماً غذائياً مُقيداً بالسعرات الحرارية لإنقاص الوزن، فقد ساعد ذلك في الحفاظ على أنسجة عضلاتهم.
وقالت دين إن إحدى مزايا الليوسين هي أنه يُقدم فوائد حتى بجرعات منخفضة نسبياً.
وأضافت: «إنه حمض أميني أساسي قوي للغاية؛ إذ يُحفز استجابة نمو العضلات. ونظراً لأنه لا يزال بإمكانك تحقيق ذلك بكميات قليلة من الليوسين، فهو مُكمل غذائي واعد للأشخاص الذين يعانون ضعف الشهية، مثل كبار السن».
بينما يمكن تناول الليوسين إما من خلال كبسولات الليوسين أو مكملات البروتين المُدعّمة بالليوسين، يُنصح ساركار المستهلكين الذين يشترون هذه الأخيرة بالبحث عن منتجات تحتوي على 40 % على الأقل من الليوسين.
وأضاف: «إذا احتوى المنتج على 40 في المائة من الليوسين، فيُمكن أن يزيد ذلك من كتلة الجسم الخالية من الدهون ووظيفة العضلات. ومن المهم تحسين كليهما حتى تتمكن من ممارسة المزيد من النشاط البدني».
الكرياتين
الكرياتين، وهو مُركّب يُخزّن في أنسجة العضلات والدماغ، اكتسب اهتماماً متزايداً لقدرته على تجديد أدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP) بسرعة، وهي مادة كيميائية تستخدمها الخلايا طاقةً.
ونتيجة لذلك؛ يُعتقد أن مكملات الكرياتين قيّمة لتحسين أداء العضلات وتوفير دفعات من الطاقة أثناء التمارين.
في حين أن الأشخاص الذين يتبعون نظاماً غذائياً غنياً بالبروتين يمتلكون بالفعل ما يكفي من الكرياتين في عضلاتهم؛ نظراً لوجود هذه المادة بشكل شائع في المأكولات البحرية واللحوم الحمراء، فقد أشارت بعض الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يتبعون نظاماً غذائياً نباتياً، أو أولئك الذين يمارسون الرياضة حديثاً نسبياً، قد يستفيدون من مكملات الكرياتين.
فول الصويا
أشار الدكتور ديفيد روجرسون، الباحث في أكاديمية الرياضة والنشاط البدني بجامعة شيفيلد هالام، إلى أن هذه المكملات قد لا تكون مناسبة للأشخاص الذين يعانون بعض الحساسية.
وقال: «يواجه بعض الأشخاص مشاكل في تحمل منتجات الألبان. ويمكن أن يُفاقم مصل اللبن والكازين هذه المشكلة؛ ولذلك قد يجدون مصدراً نباتياً أسهل في الاستهلاك».
يُقال إن فول الصويا هو البديل الأكثر بحثاً لمكملات البروتين الحيواني، وقد وجدت دراسة مراجعة أجريت عام 2023 أنه في بعض الحالات، يمكن أن يكون فول الصويا بنفس فعالية بروتين مصل اللبن في تعزيز نمو العضلات.
بروتين البازلاء
إلى جانب الصويا، يُعد بروتين البازلاء مكملاً بروتينياً نباتياً شائعاً آخر، ووصفه ساركار بأنه سهل الهضم، بينما أشارت دين إلى أنه يحتوي على الأحماض الأمينية الأساسية التسعة نفسها الموجودة في بروتين مصل اللبن والكازين، لكن بكميات أقل.
وأوضحت دين أنك «ستحتاج إلى كمية أكبر بكثير منه للحصول على فاعلية بروتين مصل اللبن نفسها. هذا يعني أنه قد يكلف الناس أكثر؛ لأنهم مضطرون إلى تناول كميات أكبر، وقد لا يلتزم كبار السن الذين لا يرغبون في تناول الكثير من الطعام بذلك».
الكولاجين
يوجد الكولاجين، وهو نوع من البروتين، بوفرة مذهلة في بشرتنا وغضاريفنا وأنسجتنا الضامة الأخرى. يُشكل الكولاجين ما يقرب من ثلث البروتينات في جسم الإنسان، لكن بدءاً من العشرينات من العمر، تتضاءل قدرتنا على إنتاجه بأنفسنا؛ ما يجعلنا أكثر تجاعيد وصلابةً تدريجياً.