كبسولة الصحية – لندن
حذّر علماء بارزون من تغيّرات في حاسة البصر والسمع والتذوّق واللمس والتوازن قد تُعد علامات مبكرة غير معروفة للإصابة بالخرف، مشيرين إلى أنها قد تظهر قبل سنوات من ظهور الأعراض المعروفة مثل مشاكل الذاكرة.
يُعرف مرض الخرف، الذي يؤثر على حياة الملايين حول العالم، بتسببه في مشكلات تتعلق بالذاكرة واللغة والمزاج، وعادةً ما يعتمد الأطباء على اختبارات الذاكرة والمقابلات الطبية لتشخيص الحالة.
غير أن العلماء اليوم يشيرون إلى وجود أدلة قوية على أن مرض الخرف قد يبدأ بالتأثير على الحواس قبل فترة طويلة من ظهور الأعراض الكلاسيكية، بحسب صحيفة ديلي ميل البريطانية.
ويرى هؤلاء الخبراء أن هذه الاكتشافات تحمل أملاً كبيراً في إمكانية استخدام التغيرات الحسية كعلامات تحذيرية مبكرة، ما قد يساعد في تشخيص المرض في مراحله الأولى.
وطالب العلماء بضرورة إدراج هذه التغيرات في الحواس ضمن الاختبارات القياسية لتشخيص الخرف، والتي تركز عادةً على مشاكل الذاكرة.
ويُعد التشخيص المبكر للخرف أمراً بالغ الأهمية، إذ إنه على الرغم من أن المرض غير قابل للعلاج، إلا أن العلاجات المتاحة يمكن أن تخفف من الأعراض وأحياناً تبطئ من تطور المرض.
وضمت الدراسة ثلاثة خبراء في مجال الخرف، أندريا تيلز من جامعة سوانزي، الدكتورة إيما ريتشاردز من الصحة العامة في ويلز، يان كريملاشيك من جامعة تشارلز في براغ
وقال كريملاشيك: “إن توسيع النهج التشخيصي ليشمل ما هو أبعد من اختبارات الذاكرة يفتح الباب لاكتشاف الخرف في مراحله المبكرة جداً، حيث تكون العلاجات وتغييرات نمط الحياة أكثر فعالية”.
وأضافت الدكتورة ريتشاردز: “الكثير من المرضى يبلّغون عن شعورهم بهذه التغيرات الحسية قبل سنوات من التشخيص، ولكن غالباً ما يتم تجاهل هذه الأعراض خلال التقييمات الإدراكية التقليدية، إن فهم هذه التغيرات والتعامل معها وتقديم الدعم في وقت مبكر قد يكون له تأثير تحويلي، إذ يُمكّن مقدمي الرعاية الصحية من تقديم الدعم العاطفي والاجتماعي الضروري للمرضى في وقت قد يكون محيراً ومؤلماً”.
وتابعت: “إضافةً إلى ذلك، فإن فهم التغيرات في حواس المريض يمكن أن يساعد الطبيب في تحديد تشخيص الخرف بشكل أدق”.
جدير بالذكر أن مرض الخرف، وخاصة علاماته المبكرة، قد ارتبط سابقاً بالتغيرات في الإدراك الحسي.
ويُعد الخرف مرضاً تنكسياً عصبياً يؤدي بمرور الوقت إلى ضمور الدماغ وفقدان الأنسجة والحجم، ويُعتقد أن ذلك يؤثر على وظائف الحواس حتى في المراحل المبكرة.
وفي وقت سابق من هذا العام، أشار أطباء الأعصاب إلى أن فقدان حاسة الشم قد يكون علامة مبكرة على الإصابة بالخرف، إذ قد يظهر قبل عشر سنوات من الأعراض الأكثر شهرة.
ولا يقتصر الأمر على حاسة الشم؛ بل إن اضطرابات الرؤية ومشاكل التوازن تُعد أيضاً من العلامات المبكرة، لكن غالباً ما يتم تجاهلها، خاصة عند المرضى الأصغر سناً.
وفي مقال نُشر على موقع “ذا كونفرسيشن”، أوضحت مولي موراي، الخبيرة في الخرف المبكر بجامعة غرب اسكتلندا، أن العديد من المرضى تظهر عليهم أولى علامات الخرف من خلال مشاكل في الرؤية.
وكتبت: “تشير الأبحاث إلى أن حوالي ثلث مرضى ألزهايمر المبكر – وهو أكثر أنواع الخرف شيوعاً – كانت أعراضهم الأولى تتمثل في مشاكل بالتنسيق أو تغيرات في الرؤية”.
وحذر خبراء أيضاً من أن مشاكل في الإدراك المكاني، مثل الوقوف بالقرب من الآخرين بشكل غير معتاد، قد تكون من العلامات التحذيرية للخرف وتظهر قبل عشرين عاماً من الأعراض التقليدية.
يُذكر أن أكثر من 944 ألف شخص في المملكة المتحدة يُعتقد أنهم مصابون بالخرف، بينما يُقدّر عدد المصابين به في الولايات المتحدة بنحو سبعة ملايين شخص.
وقدّرت جمعية الزهايمر البريطانية في تحليل حديث أن التكلفة السنوية الإجمالية للخرف في المملكة المتحدة تبلغ حوالي 42 مليار جنيه إسترليني سنوياً، ويتحمل الأسر العبء الأكبر من هذه التكلفة.
ومع تزايد أعداد كبار السن، يُتوقع أن ترتفع هذه التكلفة إلى 90 مليار جنيه إسترليني خلال السنوات الخمس عشرة المقبلة.
وأظهرت دراسة منفصلة من مؤسسة أبحاث الزهايمر في المملكة المتحدة أن 74,261 شخصاً توفوا بسبب الخرف في عام 2022، مقارنةً بـ 69,178 في العام السابق، مما يجعله السبب الرئيسي للوفاة في البلاد.