كبسولة الصحية – لندن
كشف باحثون من جامعة ليستر البريطانية عن حشرة نادرة قد تحمل سراً بيولوجيًا لإبطاء الشيخوخة وإطالة العمر.
سلطت الدراسة، التي نُشرت مؤخراً، الضوء على “الدبور الجوهري” أو ناسونيا فيتريبينيس، وهو نوع صغير الحجم ظهر لأول مرة في المملكة المتحدة عام 1998، ويتميّز بلونه المعدني اللامع وسلوكه المفترس، إذ يضع بيضه داخل أجسام حشرات أخرى لتتغذى يرقاته على أحشائها.
نظام جيني شبيه بالبشر
رغم وحشيته، أثار هذا الدبور فضول العلماء بفضل امتلاكه نظاماً بيولوجياً يُعرف بـ”مثيلة الحمض النووي” (DNA Methylation)، وهو النظام ذاته الذي يساعد في تنظيم الجينات لدى الإنسان، ويُعدّ أحد المفاتيح المهمة لفهم الشيخوخة والتحكم فيها.
وخلال التجارب، لاحظ الباحثون أن يرقات الدبور تدخل في حالة تُعرف بـ”الديابوز” — وهي نوع من السُبات المؤقت يُحفّزه البرد والظلام. هذه الحالة تؤدي إلى تباطؤ مذهل في العمليات البيولوجية، ما أدى إلى تراجع الشيخوخة البيولوجية بنسبة 29%، وزيادة متوسّط العمر بأكثر من 30%.
يقول البروفيسور إيمون مالون، المشرف على الدراسة، إن “الدبابير التي توقفت مؤقتاً عن النمو، عادت وكأنها حصلت على وقت إضافي. النتائج تؤكّد أن الشيخوخة ليست مصيراً حتمياً، بل يمكن إعادة برمجتها بيئياً”.
الشيخوخة الزمنية مقابل البيولوجية
أوضحت الدراسة أهمية التفرقة بين نوعين من الشيخوخة:
الشيخوخة الزمنية: تقاس بعدد السنوات منذ الولادة
الشيخوخة البيولوجية: تقيس الحالة الفعلية لخلايا وأنسجة الجسم
وقد تتقدم الخلايا في العمر بشكل مختلف تماماً عن ما يُظهره الزمن ظاهرياً للإنسان.
وللمرة الأولى، يقدم هذا البحث دليلًا على إمكانية “تجميد” الشيخوخة لدى الكائنات اللافقارية، ما يُمهّد الطريق لتجارب أكثر تقدماً قد تُفضي إلى استراتيجيات طبية لإبطاء التقدم في العمر لدى البشر.
يختتم مالون حديثه بسؤال جوهري: إذا استطعنا فهم كيف ومتى تحدث الشيخوخة، فهل يمكننا التدخّل لإبطائها على المستوى الجزيئي؟”
حشرة صغيرة
مع أدواتها الجينية الواضحة وقدرتها الفريدة على الدخول في حالة السكون البيولوجي، يصف العلماء دبور ناسونيا فيتريبينيس بأنه “نجم جديد” في مجال أبحاث الشيخوخة. وقد يكون هذا الكائن الدقيق هو المفتاح لفهم كيفية الضغط على “زر الإيقاف المؤقت” في رحلة الحياة.